انتخابات نقابة المحامين «القوات» و«الكتائب» يكرران منازلة 2023 لينا فخر الدين الجمعة 18 تموز 2025 رسم حزب «القوات اللب

انتخابات نقابة المحامين: «القوات» و«الكتائب» يكرران منازلة 2023

لينا فخر الدين
الجمعة 18 تموز 2025

رسم حزب «القوات اللبنانية» معالم معركته المقبلة في انتخابات نقابة المحامين في بيروت، المقرّرة في كانون الأول، لتكون تكراراً لمواجهة شرسة شهدتها النقابة قبل عامين بين «القوات» وحزب الكتائب، انتهت بفوز «الصيفي» وانتخاب مرشّحها فادي مصري نقيباً.

هكذا، يتحضّر الحزبان لموقعة جديدة في تشرين الثاني المقبل، ستُفضي إلى انتخاب نقيب جديد وسبعة أعضاء على الأقل في مجلس النقابة (العدد مرشّح للارتفاع في حال أقدم أحد الأعضاء الحاليين على تقديم استقالته لترشيح نفسه لمنصب النقيب).

وحسمت مصلحة المهن القانونية في حزب «القوات اللبنانية» خياراتها في بيان قبل أيام أعلنت فيه دعمها ترشيح عماد مارتينوس لمنصب النقيب، والمحامي إيلي حشّاش لعضوية المجلس.

وبهذا، تكرّر معراب سيناريو 2023، حين دعمت المرشّح المستقل عبدو لحود الذي يمتلك حيثية داخل النقابة ومسيرة مهنية طويلة. إذ إن لمارتينوس تأثيراً داخل النقابة وشعبية بين زملائه من مختلف الطوائف وقدرة على استمالة أصوات المستقلين، إضافة إلى «مناقبيته واعتداله السياسي كما ظهر خلال عضويته في مجلس النقابة»، بحسب ما يقول عدد من المحامين.

ورغم تأكيد عدد من المحامين أن مارتينوس يمتلك القدرة على اختراق معظم المناطق بفعل حضوره النقابي وعلاقاته الواسعة، إلا أن فوزه يبقى رهن التحالفات التي ستُنسج مع باقي القوى السياسية، والتي لا تزال بمعظمها حتى الآن ضبابية، باستثناء حزب الكتائب.

فرغم أن الصيفي لم تُصدر بعد موقفاً رسمياً، إلا أن المؤشرات تشير بوضوح إلى دعمها المحامي إيلي بازرلي، وهو غير كتائبي، كان سابقاً قريباً من التيار الوطني الحر قبل أن يقطع علاقته به قبل سنوات.

وينطلق هذا الدعم، بحسب أوساط كتائبية، من «ردّ الجميل» لبازرلي الذي وقف قبل عامين خلف مرشح الكتائب فادي مصري، فضلاً عن حيثيته وخبرته النقابية.

في السياق نفسه، رشّح الكتائب موريس الجميّل لعضوية مجلس النقابة بدلاً من رولان غصن، في خطوة عزتها مصادرها إلى ما يتمتع به الجميّل من ثقل داخل النقابة، ما يجعل معركة الكتائبيين أسهل. كذلك يتردد احتمال دعم الحزب للمرشّح المستقل هادي فرنسيس الذي تربطه علاقة مميّزة مع النقيب الحالي.

دعم «أمل» مرشّحة سنيّة قد يُبقي مجلس النقابة بلا الشيعة

ورغم رفض بازرلي قبل عامين دعم مرشح التيار الوطني الحر، يرجح متابعون أن تثمر إعادة فتح خطوط التواصل بينه وبين «العونيين» أخيراً اتفاقاً على دعم بازرلي لمنصب النقيب، مقابل دعم الكتائب مرشح التيار للعضوية وسيم بو طايع. ويستند هذا الترجيح إلى استحالة اصطفاف التيار خلف مرشح «القوات اللبنانية».

ومن هذا المنطلق، يُرتقب صراع محموم بين «القوات» والكتائب، ما يضع مارتينوس وبازرلي في صدارة السباق إلى مركز نقيب المحامين.

وتزداد حظوظهما بفعل ميل عدد من النقباء السابقين، المعروفين تاريخياً بتأثيرهم في المزاج الانتخابي، إلى دعم أحدهما، ما يقلص حظوظ بقية المرشحين، ومن بينهم وجيه مسعد الذي سيخوض معركة اعتاد عليها في وجه الأحزاب، مستعيناً باستقلاليته وخبرته المهنية وحضوره داخل النقابة، وبيار حنا الذي لم يحظَ بدعم حزبه «القوات».

ويلفت متابعون إلى أن حنا قد يحصد أصوات عدد من المحامين القدامى الذين يعترضون على تراجع المعايير المعتمدة في اختيار النقيب، ويعتبرونه «الأكثر جدارة لناحية الأقدمية والخبرة في العمل النقابي».

المستقبل إلى جانب الكتائب؟
في المقابل، لا تزال معظم الأحزاب الأخرى تفضّل التريث في إعلان انحيازها إلى أي من الاصطفافين. تيار المستقبل، مثلاً، لم يحسم موقفه النهائي، وإن كانت أوساط قريبة منه ترجّح أن يدعم بازرلي، في إطار صفقة تبادلية يحصل بموجبها على دعم الكتائب لمرشح المستقبل لعضوية المجلس توفيق النويري.

ومعركة النويري، وفقاً لمصادر نقابية، ستكون من أكثر المعارك حدّة، إذ تُوصف بأنها معركة «كسر عظم» في مواجهة عضو مجلس النقابة الحالية مايا شهاب التي تتمتع بشعبية كبيرة في صفوف المحامين المستقلين وبدعم لافت من عدد من النقباء السابقين.

ويخشى كثيرون من أن يؤدي تصاعد حدّة المعركة بين «القوات» والكتائب إلى استقطاب طاغٍ على الخط المسيحي، يُضعف فرص المرشحين السنّة في الوصول إلى المجلس، كما حصل مع الطائفة الشيعية الغائبة عن مجلس النقابة منذ أكثر من 12 عاماً.

استياء في صفوف «أمل»
وإذا كان البعض يُحمّل حزب الله وحركة أمل مسؤولية الغياب الشيعي الطويل عن مجلس النقابة، بسبب ضعف إدارة الملف الانتخابي وعدم اختيار «الأحصنة الرابحة»، وهو ما أدى في الانتخابات الماضية إلى عدم وصول أي شيعي إلى المجلس، فإن المفارقة اليوم تكمن في انتهاج «أمل» سياسة «من خارج الصندوق» عبر إعلان تبنّيها ترشيح أمينة سر لجنة التقاعد في النقابة سعاد شعيب التي سبق أن رشّحتها الحركة في انتخابات لجنة الصندوق.

وفتح تبنّي شعيب الباب واسعاً أمام انتقادات وجّهها محسوبون على «أمل» إلى نائب رئيس مكتب المهن الحرة في الحركة المحامي مصطفى قبلان (شقيق النائب قبلان قبلان) الذي تعدّ شعيب مقرّبة منه.

ويأخذ هؤلاء على «أمل» أنها بترشيحها سنية بدلاً من شيعي، تفوّت مجدداً فرصة إيصال مرشح شيعي إلى مجلس النقابة بعد أكثر من 12 عاماً من الغياب، كما إن دعم مرشحة سنّية قد يؤدي إلى «كلاش» مع تيار المستقبل الذي قد يرى في الخطوة محاولة من عين التينة لفرض مرشح سني.

في المقابل، تؤكد مصادر مسؤولة في الحركة أن «ترشيح شعيب لم يُبنَ على خلفية طائفية، بل على حيثيتها الواسعة داخل النقابة، وعلاقاتها الجيدة مع مختلف الأطياف». وعن احتمال دعم مرشح شيعي أو ترشيح اسم إضافي، تشير المصادر إلى أن «ظروف البلد تحتم علينا الاكتفاء بدعم شعيب، إلا أن القيادة لم تحسم خياراتها بعد بشكل نهائي، وقد يُتخذ قرار بدعم مرشح ثانٍ مع اقتراب موعد الاستحقاق»، لافتة إلى أن الحركة «لم تحسم بعد من ستدعم لمنصب النقيب».

وفيما تفيد المعلومات بأن خيار شعيب لا يحظى حتى الساعة بتأييد حزب الله، تشير أوساط محسوبة على «الثنائي» إلى أن هذا التباين في وجهات النظر ليس جديداً، والتنسيق سيُفضي، كالعادة، إلى التوافق على خيار موحّد يحظى بدعم الطرفين».

في المقابل، يبرز أكثر من اسم شيعي، أبرزهم المحامي المستقل وسام عيد الذي يُعدّ من بين الأوفر حظاً للوصول إلى المجلس. وهو معروف بنشاطه اللافت وحركته الدائمة، فضلاً عن شبكة علاقاته الواسعة مع مختلف الأطياف، ما يوفّر له قاعدة دعم متينة داخل الجسم النقابي.

ويقول عيد إنّه «سيسعى جاهداً إلى بذل كل ما في وسعه ليكون صوت زملائه سواء أكانوا متقاعدين أو عاملين أو متدرجين، من أجل تحسين أوضاعهم، كتوفير نظام استشفاء متكامل وعادل لجميع المحامين عبر استدراج عروض لتأمين أفضل الأسعار وخدمات صحيّة أفضل».

ويبرز أيضاً اسم المحامي شوقي شريم الذي خاض الانتخابات النقابية في الدورة السابقة بدعم من «الثنائي»، إلا أنه لم يحظَ بهذا الدعم في الدورة الحالية، رغم أن المعطيات قبل أسابيع كانت توحي بعكس ذلك، قبل أن تميل كفة حركة «أمل» نحو دعم شعيب. ويشدّد شريم على أنّه مرشح مستقل على أساس المناقبية والمهنية، بعدما أسهم عمله كممثل للنقابة في النبطية إلى توسيع أطر علاقاته وتثبيت الثقة من النقباء السابقين.

«الاشتراكي» يميل إلى بازرلي
أما على صعيد الحزب التقدمي الاشتراكي، فتشير المعطيات إلى أن العلاقة الجيدة التي تجمع النائبين تيمور جنبلاط وسامي الجميّل قد تنعكس على انتخابات النقابة، إذ يُرجّح أن يدعم «الاشتراكيون» بازرلي، وإن من دون المبالغة في الحشد، مقابل دعم الكتائب المرشح لعضوية مجلس النقابة نديم زياد حمادة، وهو المرشح الدرزي الوحيد، علماً أنه لا ينتمي تنظيمياً إلى «الاشتراكي».

وإذا كان إدراج اسم حمادة في لائحة الكتائب يبدو شبه محسوم، إلا أنه لم يُعرف ما إذا كانت الصيفي ستكتفي، كما درجت العادة، بمرشح مسلم واحد على لائحتها، أم أن التنسيق مع المستقبل يشمل التجيير أيضاً للنويري.

وفي سياق الأسماء المرشحة للعضوية أيضاً، يبرز اسم المحامي مروان نهاد جبر الذي يتردد أنه قد يحظى بدعم من «القوات اللبنانية»، وجورج يزبك القريب من قوى «14 آذار».

الخلافات تدفع جريج إلى الاستقالة
من جديد، طفت الخلافات على سطح الصيفي، على هامش انتخابات نقابة المحامين، بين رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ونائبه السابق نقيب المحامين السابق جورج جريج. ففي انتخابات عام 2023 لم يرضخ جريج للتعليمات الحزبية التي عمّمت اسم فادي مصري لمركز النقيب، علماً أن للنقيب السابق حيثية وقاعدة شعبية داخل النقابة بمعزل عن صفته الحزبية.

عدم قناعة جريج بالاسم جعلته يتمرّد قبل أن يُعلن وقوفه إلى جانب ألكسندر نجار الذي واجه مصري في الدورة الأولى.

اليوم، يتكرّر المشهد إلا أن الفارق أن جريج استقال من منصبه كنائب أول لرئيس الحزب على خلفية هذه التباينات.

وفيما يعمل «الكتائبيون» كخلية نحل لضمان وصول ايلي بازرلي إلى منصب النقيب، يتردّد أن جريج قد يذهب في خلافه مع الجميل حد تبني ترشيح مرشح حزب «القوات اللبنانية» عماد مارتينوس!